فصل: (33/27) باب ما يدعى به عند اللقاء وما جاء أن الدعاء لا يرد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[33/27] باب ما يدعى به عند اللقاء وما جاء أن الدعاء لا يرد

5237 - عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا، قال: اللهم أنت عضدي ونصيري بك أجول وبك أصول وبك أقاتل» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن غريب.
5238 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعتان يفتح فيهما أبواب السماء وَقلّ ما يرد على داعٍ دعوته: عند حضور النداء، والصف في سبيل الله» وفي لفظ: «اثنتان لا يردان أو قلما يردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" وفي رواية قال: «وتحت المطر» رواه أبو داود وفي إسناده موسى بن يعقوب الزمعي، قال النسائي ليس بالقوى، وقال يحيى بن معين ثقة. والبأس بالهمزة الشدة في الحرب.

.[33/28] باب تحريم الفرار من الزحف إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين إلا المتحيز إلى فئة وإن بعدت

5239 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: ما هنّ يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» متفق عليه.
5240 - وعن ابن عباس: «لما نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [لأنفال:65] فكتب عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين، ثم نزلت: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [لأنفال:66] الآية: فكتب أن لا يفر مائة من مائتين» رواه البخاري وأبو داود.
5241 - وعن ابن عمر قال: «كنت في سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا من الغضب، ثم قلنا: لو دخلنا المدينة فبتناه، ثم قلنا: لو عرضنا نفوسنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: من الفرارون؟ فقلنا: نحن الفرارون، قال: بل أنتم العكارون، أنا فيئتكم وفيئة المسلمين، قال: فأتيناه حتى قبلنا يده» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد.
قوله: «الموبقات» أي: المهلكات.
قوله: «فحاص» بالمهملات، قال في "الدر النثير": حاصوا حيصة جالوا جولة والمحيص المحيد وحيصة من حيصات الفتن أي: رويحة منها.
قوله: «العكارون» بفتح العين المهملة وتشديد الكاف، قال في "مختصر النهاية": العكارون الكرارون إلى الحرب والعطافون نحوها يقال للرجل تولى عن الحرب ثم يكر راجعًا إليها عكر واعتكر.

.[33/29] باب ما جاء في المحصور إن شاء قاتل وإن شاء استأسر

5242 - عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط عينًا، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لبني لحيان، فنفروا لهم قريبًا من مائتي رجل كلهم رام فاقتصوا أثرهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطوا ما بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر اللهم خبر عنا نبيك فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصمًا في سبعة فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دَثنة ورجل آخر، فلما استمكنوهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي في هؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، وانطلقوا
بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما مكة بعد وقعة بدر، وذكر قصة قتل خبيب إلى أن قال: استجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وخبرهم وما أصيبوا»
مختصر لأحمد والبخاري وأبي داود.
قوله: «عينًا» العين الجاسوس كما في "مختصر النهاية" وغيره.
قوله: «بالهدأة» بفتح الهاء وسكون الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة كذا للأكثر وللكشمريني بفتح الدال وتسهيل الهمزة وهو موضع على سبعة أميال من عسفان.
قوله: «لبني لحيان» هم قبيلة معروفة اسم أبيهم لحيان وقيل بكسر اللام.
قوله: «فنفَّروا» لهم أي: أمروا جماعة منهم أن ينفروا للرهط المذكورين.
قوله: «الفدفد» بفائين ودالين مهملين، قال في "الدر النثير": الفدفد المكان المرتفع.
قوله: «خبيب» بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وسكون التحتية آخره موحدة هو ابن عدي من الأنصار.
قوله: «ابن دثنة» بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة بعدها نون واسمه زيد.
قوله: «ورجل آخر» هو عبد الله بن طارق.
قوله: «عالجوه» أي: مارسوه والمراد أنهم خدعوه ليتبعهم فأبى.

.[33/30] باب الكذب في الحرب

5243 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لكعب ابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فأذن لي فأقول قال قد فعلت فأتاه، فقال إن هذا يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عنّانا وسألنا الصدقة، قال وأيضًا والله فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمره، قال: فلم يزل يكلمه حتى استمكن منه فقتله» متفق عليه.
5244 - وعن أم كلثوم بنت عقبة قالت: «لم أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب مما يقول الناس إلا في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
5245 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس ما يحملكم أن تتايعوا على الكذب كتتايع الفراش في النار الكذبُ كله على ابن آدم حرام إلا في ثلاث خصال رجل كذب على امرأته ليرضيها ورجل كذب في الحرب فإن الحرب خدعة ورجل كذب بين مسلمين ليصلح بينهما» رواه الترمذي وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث ابن خثيم.
قوله: «عنّانا» بفتح المهملة وتشديد النون الأولى أي: كلفنا بالأوامر والنواهي.
قوله: «تتايع الفراش» التتايع التهافت في الأمر.

.[33/31] باب ما جاء في المبارزة.

5246 - عن علي قال: «تقدم عتبة بن ربيعة ومعه ابنه وأخوه فنادى من يبارز فانتدب له شباب من الأنصار فقال من أنتم فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم إنا أردنا بني عمنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحارث، فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلفت بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه ثم ملنا إلى الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة» رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات.
5247 - وعن قيس بن عباد عن علي قال: «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة قال قيس: فيهم نزلت هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج:19] قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر علي والحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة» وفي رواية أن عليًا قال: «فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج:19]» رواهما البخاري.
5248 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «بارز عمي يوم خيبر مرحبًا اليهودي» رواه أحمد في قصة طويلة ومعناه لمسلم.
5249 - وعن سلمة أيضًا «أن مرحبًا خرج يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجربُ

فخرج إليه علي يقول:
أنا الذي اسمتني أمي حيدرة ** كليث غاباتٍ كريه المنظرة

وضرب رأس مرحب فقتله»
مختصر من مسلم.
قوله: «أثخن في العدو» بالغ في الجراحة فيه.

.[33/32] باب ما جاء في الإقامة بموضع النصر ثلاثًا

5250 - عن أنس عن أبي طلحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال» متفق عليه، وفي لفظ لأحمد والترمذي «بعرصتهم»، وفي رواية لأحمد «لما فرغ من أهل بدر أقام بالعرصة ثلاثًا».
قوله: «العرصة» بفتح العين المهملة وسكون الراء بعدها صاد مهملة هي البقعة الواسعة بغير بناء.

.[33/33] باب ما جاء أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين

5251 - عن عمرو بن عبسة قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعير من المغنم فلما سلم أخذ وبرةً من جنب البعير، ثم قال ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود فيكم» رواه أبو داود والنسائي بمعناه وسكت أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات.
5252 - وعن عبادة بن الصامت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى لهم في غزوة إلى بعير من المقسم فلما سلم قام إلى البعير من المقسم فتناول وبرة بين أنملتيه فقال إن هذا من غنائمكم وأنه ليس لي فيها شيء إلا نصيبي إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكثر من ذلك وأصغر» رواه أحمد في المسند والنسائي وابن ماجة وحسن الحافظ في "الفتح" إسناده.
5253 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قصة هوازن «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دنى من بعير فأخذ وبرة من سنامه، ثم قال: يا أيها الناس إنه ليس لي من هذا الفي شيء ولا في هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط» رواه أحمد وأبو داود والنسائي ولم يذكر الخيط والمخيط وحسن الحافظ في "الفتح" إسناد هذا الحديث.
قوله: «وبرة» بفتح الواو والموحدة بعدها وبعدها راء هو صوف الإبل ونحوها.
قوله: «المخيط» هو ما يخاط به كالإبرة وغيرها.

.[33/34] باب ما جاء في السلب للقاتل وأنه لا يخمس.

5254 - عن أبي قتادة قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين فاستدرت إليه حتى أتيته من وراءه فضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله ثم أن الناس رجعوا وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه، قال: فقمت فقلت: من يشهد لي ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقلت من يشهد لي ثم جلست، ثم قال مثل ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لك يا أبا قتادة فقصصت عليه القصة، فقال: رجل من القوم صدق يا رسول الله سلب ذلك الرجل عندي فأرضه عن حقه، فقال أبو بكر لا هى الله إذ لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق فأعطه إياه فأعطاني، قال: فبعت الدرع فابتعت به مخرفًا من بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام» متفق عليه.
5255 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم حنين من قتل رجلًا فله سلبه فقتل أبو طلحة عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم» رواه أحمد وسكت عنه هو والمنذري ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ لأحمد «من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلًا».
5256 - وعن عوف بن مالك أنه قال لخالد بن الوليد: «أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى» رواه مسلم.
5257 - وعن عوف وخالد أيضًا: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والطبراني، قال المنذري: في إسناده اسمعيل بن عياش وقد تقدم الكلام عليه قلت: لكنه من روايته عن الشاميين.
5258 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" عن عوف «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب».
5259 - وعن عوف بن مالك، قال: «قتل رجل من حمير رجلًا من العدو فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد وكان واليًا عليهم فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عوف بن مالك فأخبره بذلك، فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سلبه، فقال: استكثرته يا رسول الله؟ قال: ادفعه إليه، فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستغضب فقال: ألا تعطيه يا خالد هل أنتم تاركون لي أمري؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلًا وغنمًا فوعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضها فشرعت منه فشربت صفوة وتركت كدرة فصفوه لكم وكدره عليهم» رواه أحمد ومسلم، وفي رواية قال: «خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل اليمن ومضيا فلقيا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل الرومي يفري في المسلمين فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخرّ وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث خالد بن الوليد فأخذ السلب، قال عوف فأتيته، فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ فقال: بلى ولكن استكثرته، قلت: لتردنه إليه أو لأعرفنكما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يرد عليه، قال عوف فاجتمعنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد وذكر بقية الحديث بمعنى ما تقدم» رواه أحمد وأبو داود.
5260 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هوازن فبينا نحن نتضحى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على جمل أحمر فأناخه ثم انتزع طلقًا من جعبته فقيد به الجمل ثم تقدم فتغدى مع القوم وجعل ينظر وفينا ضعفة ورقة من الظهر وبعضنا مشاة إذ خرج يشتد فأتى جمله فأطلق قيده ثم أناخه فقعد عليه فأثاره فاشتد به الجمل فاتبعه رجل على ناقة ورقاء، قال سلمة فخرجت أشتد فكنت عند ورك الناقة ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ثم تقدمت
حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت سيفي فضربت رأس الرجل فندر ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه فاستقبلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه فقال: من قتل الرجل؟ فقالوا: سلمة بن الأكوع، فقال: له سلبه أجمع»
متفق عليه.
5261 - وعن عبد الرحمن بن عوف قال: «بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عني يميني فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عمّ هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده لأن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال مثلها فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاهما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفرا» متفق عليه.
5262 - وعن ابن مسعود قال: «نفلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر سيف أبي جهل كان قتله» رواه أبو داود ولأحمد معناه والمشهور أن ابن مسعود أدرك أبا جهل وبه رمق فأجهز عليه، روى معنى ذلك أبو داود وغيره وهو من رواية ابنه أبي عبيدة ولم يسمع منه.
5263 - وفي مسند أحمد في رواية أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود «أنه وجد أبا جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع يذب الناس عنه سيف له فأخذه عبد الله بن مسعود فقتله فنفله رسول الله سلبه» وسيأتي هذا الحديث في باب النهي عن الانتفاع بما يغنمه الغانم والكلام عليه هنالك.
قوله: «جولة» بالجيم وسكون الواو أي: حركة فيها اختلاط وكانت قبل الهزيمة.
قوله: «على حبل عاتقه» حبل العاتق عصبه والعاتق موضع الرداء من المنكب.
قوله: «سلبه» السلب بفتح المهملة واللام آخره موحدة هو ما يوجد مع المحارب من ملبوس وغيره، وقوله سلبه أي: سلب قتيله فأضافه إليه باعتبار أنه ملكه.
قوله: «مخرفًا» بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي: بستانًا يخترف منه التمر، وأما بكسر الميم فهو الآلة التي يخترف بها.
قوله: «في بني سلمة» بكسر اللام وهم بطن من الأنصار.
قوله: «تأثلته» بمثناه ثم مثلثة أي: أصلته وأثلة كل شيء أصله.
قوله: «رجل من حمير» هو المددي المذكور في الرواية الثانية.
قوله: «لا تعطه يا خالد» فيه دليل أن للإمام يعطي السلب غير القاتل لأمر يعرض فيه مصلحة من تأديب أو غيره.
قوله: «مُوتة» بضم الميم وسكون الواو بغير همزة لأكثر الرواة وبه جزم المبرد ومنهم من همزها وبه جزم ثعلب والجوهري.
قوله: «مددي» بفتح الميم ودالين مهملتين، قال في "مختصر النهاية" الإمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد مددي منسوب إليه.
قوله: «يفري» بفتح أوله بعده فاء ثم راء والفري شدة النكاية فيهم.
قوله: «فعرقب فرسه» أي: قطع عرقوبها.
قوله: «يتضحى» أي: يأكل وقت الضحى كما يقال نتغدى.
قوله: «جعبته» بالجيم والعين المهملة، قال في "النهاية": الجعبة التي يجعل فيها النشاب والطلق بفتح اللام قيد من الجلود.
قوله: «سوادي» السواد بفتح السين المهملة هو الشخص.
قوله: «الأعجل» أي: الأقرب أجلًا.

.[33/35] باب التسوية بين القوي والضعيف من قاتل ومن لم يقاتل

5264 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: «من فعل كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا، قال: فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوا بها فلما فتح الله عليهم، قال المشيخة كنا ردء لكم لو انهزمتم لفئيتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى فأبى الفتيان، وقالوا: جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1] إلى قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال:5] يقول فكان ذلك خيرًا لهم وكذلك هذا أيضًا فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسوى» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه الحاكم وصححه أبو الفتح في "الاقتراح" على شرط البخاري.
5265 - وعن عبادة قال: «خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرًا فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في أثرهم يهزمون ويقتلون وأكبّ طائفة على الغنائم يحوونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم نحن الذين حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، قال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لستم أحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال:1] فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فواق بين المسلمين» وفي لفظ مختصر: «فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من بين أيدينا فجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسمه فينا على بواء يقول على السواء» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات.
5266 - وعن سعد بن مالك قال: قلت: «يا رسول الله! الرجل يكون حامية القوم أيكون سهمه وسهم غيره سواء؟ قال: ثكلتك أمك ابن أم سعد وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» رواه أحمد.
5267 - وعن مصعب بن سعد، قال: «رأى سعد أن له فضلًا على من دونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» رواه البخاري والنسائي.
5268 - وعن أبي الدرداء، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ابغوني ضعفائكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قوله: «النفل» بفتح النون والفاء زيادة يزادها الغازي على نصيبه من القسمة ومنه نفل الصلوة وهو ما عدا الفرض.
قوله: «المشيخة» بفتح الميم جمع شيخ.
قوله: «ردأ» بكسر الراء وسكون الدال بعدها همزة هو العون والناصر.
قوله: «على فواق» أي: قسمها بسرعة قدر ما بين الحلبتين، «على بواء» بفتح الموحدة والواو بعدها همزة مفتوحة ممدودة وهو السواء.
قوله: «حامية القوم» بالحاء المهملة هم الجماعة الذين في أخرى القوم يحمونهم.